بقلم:د.كامل خالد الشامي
أستاذ جامعي وكاتب مقيم في قطاع غزة
جلست فاطمة (10 سنوات) على كرسي الدراسة تلهو قليلا مع الأطفال الآخرين في الصف الرابع في مدرسة قرية الأطفال. وبعد قليل بدأت المعلمة توزع أوراقا مصورة لمادة الحساب على الطلاب, بدلا من الكتب المدرسية . فالكتب المدرسية موجودة على المعابر ولا يسمح لها بالدخول إلى غزة, مشكلة تعانى منها كل المدارس تقريبا.
ولم تعد فاطمة تحمل كتبا جديدة وتذهب بها إلى بيتها وتفردها على الطاولة تدور من حولها مبتهجة وفرحة بحلول عام دراسي جديد, فقد اختطف الحصار منها هذه البهجة.
الكثير من المدارس تلجأ إلى توزيع كتب مستهلكة على طلابها من السنوات السابقة, حتى ولو أن هذه الكتب تفقد بعض صفحاتها, أو تقوم بتصوير بعض الدروس, ولكن الأمر ليس يهذة السهولة,فالمدارس تعانى من نقص في الورق وفى القرطاسية.
في مدرسة قرية الأطفال التفت المربيات من حول مديرة المدرسة, وقد أصابهن الذهول فقد توقفت آلة التصوير عن العمل بسبب عطل أصابها, ولا يوجد قطع غيار لها في الأسواق أيضا بسبب الحصار ,وهناك مئات آلات التصوير في المدارس الأخرى معطلة لنفس السبب, فما العمل ؟ وما هو البديل؟ استخدام الماسح وطباعة عدد قليل من النسخ هكذا جاءت التعليمات من مديرة المدرسة, ولكن ماذا سوف يحدث عندما ينتهي الحبر من الطابعة؟ ولا تمتلك كل المدارس ماسح,كما أن الحبر نفذ منذ فترة طويلة في الكثير من طابعات المدارس.
الزى المدرسي أصبح أمرا غير مألوف في مدارس غزة , فغياب القماش وارتفاع اسعارة وعدم توفره بكميات تجارية في الأسواق حرم أغلب طلاب غزة من الفرحة بارتداء زى مدرسي, لكن فاطمة ورفاقها في مدرسة قرية الأطفال أصبح لديهم زى مدرسي جديد,فبعد طول معاناة ومداومة شديدة في الأسواق تمكنت قرية الأطفال من تدبير الزى لطلابها.في هذا العام
الأطفال في قرية الأطفال أصبحوا يدركون مدى صعوبة الحصول على المواد التعليمية , فأصبحوا أكثر حرصا على القليل الذي بحوزتهم .
حليمة مربييه رياض أطفال في روضة قرية الأطفال تستخدم جهاز LCD لعرض فيلم ترفيهي قصير على الأطفال, فجأة ينقطع التيار الكهربائي, وهو أمر ناتج أيضا عن الحصار, يصرخ الأطفال خوفا من الظلام الذي حل فجأة وحليمة تقوم سريعا بفتح الستائر,وتهدئ من روعهم.
ولكن المشكلة الأكبر التي تواجهها حليمة وزميلاتها هي عدم توفر كتب رياض الأطفال فهى موجودة أيضا على المعابر,وتسأل حليمة" ما هو الخطر الذي تشكله كتب رياض الأطفال على المحاصرين؟