أبوعمار
أب الوطنية الفلسطينية
صالح عوض
ليس مهما في حسابات التاريخ أن تحب أو أن تكره ..المهم في حسابات التاريخ أن ترى الأمور كما هي لتبني على واقع وحقائق لا على أوهام وأحلام أو على أحقاد وضغائن ولذلك قال ربنا عز وجل: (لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا ،اعدلوا هو أقرب للتقوى) ..أبدأ الحديث بهذه المقدمة لأننا ابتلينا للأسف بأناس لا يروا الشمس الأ اذا خرجت من حجرهم ولا يذكروا فضلا لسواهم ويحقرون كل خير من غيرهم..
ابوعمار اب الوطنية الفلسطينية ..اي بوضوح ان اباعمار صانع المشروع الحقيقي المضاد للكيان الصهيوني ، ليس معنى هذا انه من بدأ الكفاح المسلح الفلسطيني فلقد سبقه بحكم العمر قادة لايزالون رموزا في ضمير الشعب والامة من فرحان السعدي وابوابراهيم الكبير وعزالدين القسام ورفاقهم وحتى عل صعيد العمل السياسي سبقه بحكم العمر الحاج امين الحسيني ورفاقه..الا ان هؤلاء العظام جميعا لم يلتفتوا الى اهمية كيان سياسي فلسطيني مستقل عن الوضع الرسمي العربي وبقي الجهد الفلسطيني رهينا بالموقف الرسمي العربي..
ادرك ابوعمار ومعه المؤسسون في حركة فتح ان النظام العربي منهمك في اجندات خاصة فكرية وسياسية ولقد كان الاثر بالغا في بلورة قناعات رواد حركة فتح بسبب كلام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لوفد من وجهاء غزة عند زيارتهم له
من يقول لكم ان لديه خطة لتحرير فلسطين يكون يضحك عليكم)
ولقد اتضحت معالم شخصية صانع المشروع لدى ياسر عرفات منذ الايام الاولى لانطلاق حركة فتح حيث كان الهدف واضحا لا لبس فيه انه فلسطين وكذلك كان العدو واضحا لابديل عنه انه الكيان الصهيوني وعلى هذه الارضية انطلقت الدعوة لتجميع كل من يريد تحرير فلسطين وعودة لاجئيها وتنظيمهم وتدريبهم والدفع بهم في معركة الوجود بغض النظر عن اجتهاداتهم الشخصية ..لقد التقطت حركة فتح كلمة السر التاريخية فنفجرت البراكين في المنطقة واصبحت الامة كلها خلف فتح بمشاعرها وبخيرة ابنائها وقد انتشلت منظمة التحرير الفلسطينية من مكاتب النظام العربي الى ساحات المعركة والى خنادق الشرف...وبروح مسئولية رائدة لم يتوقف قادة فتح عند شعارهم بان حركتهم اطارا وطنيا لكل من له مصلحة لتحرير فلسطين.. لم يقفوا عند ذلك بل دعوا الجميع من القوى السياسية الفدائية على الانخراط في صفوف م ت ف على اعتبار ان المرحلة هي مرحلة تحرير وطني وبعد انجاز عودة الارض وعودة اللاجئين يختار الشعب النظام السياسي الاجتماعي الاقتصادي الذي يناسبه بخيار حر.
المشروع الوطني لم يكن ثقافة وشعارات ومادة للتثقيف الحزبي تتبخر بمجرد ان ترى الشمس وتحديات الواقع..لقد كان المشروع الوطني الفلسطيني واقعا عمليا ينطق بمنجزات على الارض..فكان تجميع الفصائل الفلسطينية في اطار واحد وبمؤسسة تشريعية واحدة انجازا استراتيجيا ثم أي كلام يكون مناسبا عن أي مشروع للشعب الفلسطيني اذا لم ينخرط في قضايا الشعب كل الشعب ليس فقط الضفة وغزة بل والشعب الفلسطيني في المنافي في لبنان وسوريا والبلدان العربية وامريكا اللاتينية وفي كل مكان فيه فلسطينيون..فكان شعار الوحدة الوطنية واقعا بمؤسسات ومنشات.
لقد كان ابوعمار متجددا مع تطور حالة الوعي السياسي والثقافي للشعب ومتناغما معها كما كان مستوعبا شروط التحولات في المنطقة وغير مستسلم لها بل عاملا بكل دأب على تغييرها لصالح مشروعه ..لقد كانت الافاق مفتوحة لتفكيره الذي لايعرف تيبسا من اجل الافضل لشعبه ..ولانه اب المشروع الوطني كان عقله وقلبه ويده ممدودة للجميع يتقدمهم بايمان راسخ بان شعبه خرج من طور الوصاية عليه ليصبح رقما صعبا بل جبلا لاتهزه الريح.
ابوعمار في ذكرى استشهاده هو المشروع الوطني الكبير الذي لم ينجح احد بعد في تجاوزه وسيستمر هذا المشروع بجدارة في الحضور حتى تحرير فلسطين وعودة اللاجئين وحينها يمكن ان يصار الى مشروع نهضوي اخر.